جريمة التحرش الإلكتروني
يُعتبر التحرش الإلكتروني امتداداً للتحرش الجسدي، وكل ما يحتاجه المتحرش هو الوصول إلى جهاز كمبيوتر ومودم، حيث تكمن قوته في المعلومات الكثيرة التي يستطيع جمعها عن الضحية التي اختارها عن طريق الإنترنت طالما أن الأخير قد أصبح ملماً بالمعلومات والبيانات الشخصية، وبذلك يصبح جميع مستخدمي الإنترنت عرضة للتحرش الإلكتروني.
وتعددت أبعاد الجريمة الإلكترونية واكتسبت بُعداً جديداً بتطور أدواتها فيقوم المجرمون بتطبيق أوجه التقدم العلمي والتكنولوجي في دعم أهدافهم غير المشروعة، ونتيجة للاستخدام المستمر لوسائل التكنولوجيا بأشكالها المتعددة كالهاتف والبريد الإلكتروني والمواقع الإلكترونية فضلاً عن البلوتوث ومواقع التواصل الاجتماعي وغيرها من المواقع والمنتديات.
تعريف التحرش الإلكتروني
عرفت المادة الأولى من نظام مكافحة التحرش الصادر عام 1439 بأنه يقصد بجريمة التحرش، لغرض تطبيق أحكام هذا النظام، كل قول أو فعل أو إشارة ذات مدلول جنسي، تصدر من شخص تجاه أي شخص آخر ، تمس جسده أو عرضه، أو تخدش حياءه، بأي وسيلة كانت ، بما في ذلك وسائل التقنية الحديثة.
أركان جريمة التحرش الإلكتروني
لا تختلف جريمة التحرش الإلكتروني عن الجرائم الأخرى، فلابد من توافر الركن المادي والمعنوي.
(أ) الركن المادي
يتمثل الركن المادي في الجريمة بالسلوك الذي جعل الجريمة تحدُث حتى ولو لم تتوافر وجود لمعرفة بداية هذا النشاط والشروع فيه ونتيجته، فتتكون جريمة التحرش الإلكتروني مثلها مثل باقي الجرائم من نشاط إجرامي يقوم به الجاني ونتيجة إجرامية وما يترتب على ذلك النشاط وعلاقة سببية التي تربط ما بين النشاط الإجرامي والنتيجة الجرمية المتحققة منه.
(ب) الركن المعنوي
أساس الركن المعنوي يتمثل في العلاقة النفسية التي تربط بين شخصية الجاني وماديات ارتكاب الجريمة، وهو إدارة جريمة تستمد صفتها هذه من سيطرتها أو اتجاهها إلى الماديات غير المشروعة التي تقوم عليها الجريمة، وأصل هذه العلاقة هو الإرادة، ولا يستطيع القانون تحديد المسؤولية عن الجرم المحظور إلا بعد قيام علاقة بين ذلك الفعل وشخص من الأشخاص، وهي علاقة من نوع خاص كما يفترض الركن المعنوي توجه الإرادة نحو ماديات الجريمة وتتبلور إرادة الجاني في صورة القصد الجنائي وعلى أساسه تكون الجريمة عمدية، والصورة الثانية الخطأ الغير العمدي وعلى أساسه تكون الجريمة غير عمدية.
صور التحرش الإلكتروني
تعددت صور التحرش الإلكتروني ويمكن إبرازها فيما يلي:
[1] التحرش عبر البريد الإلكتروني
- بدأت ظاهرة التحرش باستخدام البريد الإلكتروني بالانتشار مع انتشار الإنترنت ووسائل التواصل الإلكتروني، حيث أصبح بإمكان المتحرش الوصول إلى الشخص في أي مكان وفي أي وقت، إذ يعاني الكثير من مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي والأجهزة الإلكترونية الموصولة بشبكة الإنترنت من استلامهم المتكرر للرسائل غير اللائقة التي قد تحتوي على عبارات أو مواد جنسية سواء صور أو مشاهد جنسية، أو التهديد والابتزاز باستخدام صور الضحية أو استخدامها دون موافقة صاحبها أو من دون عمله ومشاركتها في مواقع ذات طابع جنسي أو مقرونه بعبارات غير لائقة.
- وهناك خطوات تساهم إلى حد كبير في الحد من التعرض للتحرش الإلكتروني، وتضمن تحقيق أعلى مستوى من الخصوصية على شبكة الإنترنت او على الأجهزة الإلكترونية وتشمل الاتي:
- عدم قبول طلبات الإضافة من أي شخص غير معروف.
- عدم نشر الصور الشخصية أو أرقام الهواتف أو المعلومات الشخصية في نطاق أوسع من نطاق الأصدقاء.
- وضع نظام للبريد الإلكتروني يضمن تحول الرسائل التي تحمل أسماء او كلمات غير مرغوبة إلى قائمة Spam.
[2] المضايقات الإلكترونية
تزايدت أعداد الشكاوى من المضايقات الإلكترونية أو ما يسمى التخويف الإلكتروني إضافة إلى مضايقات التحرش الجنسي وأنواع أخرى من حوادث لإيقاع بالضحايا، وعلى الرغم من أن أغلب الدراسات تشير إلى أن ما بين 9% و 34% من المراهقين والمراهقات في الولايات المتحدة يقعون ضحية للمضايقات الإلكترونية التي تعرف بأنها نوع من التهديد أو التخريف أو القذف لأنها ليست مضايقات جنسية، إلا أن ما بين 4% و 21% من الأشخاص يقفون وراء هذه المضايقات.
[3] الشبكات الاجتماعية
وفقاً للاستطلاع الذي أجراه موقع (بيو إنترنت اند أميركانا لايف) عام 1006، فإن 55% من الأمريكيين الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و 17 عام يستخدمون الشبكات الاجتماعية الإلكترونية فيسبوك وماي سبيس التي يمكنهم فيها وضع معلومات شخصية عنهم والاتصال إلكترونياً بأشخاص آخرين مما يتيح الفرصة لبعض من الذئاب البشرية الإلكترونية مراقبة ضحاياهم لاقتناصهم.
[4] الرسائل الفورية
تسهل التقنيات الحالية في الإنترنت تبادل الرسائل المكتوبة الفورية بين الأشخاص حيث يمكن لأي شخص يستخدم الكمبيوتر والهاتف الجوال والأجهزة الإلكترونية الأخرى أن يرسل أو يستقبل الرسائل الفورية، وهذه الوسيلة التي تزداد شعبيتها لدى الصغار والشباب يبدو أنها تشكل خطراً عليهم يتمثل في التخويف والتحرش الجنسي الإلكتروني.
[5] غرف الدردشة
تتيح المنتديات الإلكترونية المخصصة للحوار للناس تبادل الرسائل المكتوبة فيما بينهم والمحادثات، كما تتيح بعض المواقع للمشاركة وتبادل الصور والأحاديث في نفس الوقت، وتشكل غرف الدردشة هذه خطراً أكبر من ناحية التحرش الجنسي الإلكتروني، ويعتقد الباحثون أن غرف الدردشة تسبب خطورة إلكترونية لكونها تتيح للمشاركين فيها الاتصال المباشر وبشكل شخصي، ولأن بعضاً منها يشجع على استخدام اللغة البذيئة والأحداث الجنسية والتلميحات الجنسية، كما توجد أيضاً دلائل على أن الصغار الذين يزورون غرف الدردشة غالباً ما يشعرون بالوحدة أو بالكأبة أو بالاغتراب عن والديهم، كذلك وعلى الأغلب يعانون من الانتهاك الجنسي أو أن لديهم سلوكاً خطراً مقارنة بالأشخاص الذين لا يزورون غرف الدردشة.
[6] المدونات الإلكترونية
هي المدونات التي يسجل فيها الكاتب خواطره وآراءه أو معلوماته الشخصية ويمكن لقارئ هذه المدونات إرسال تعليقاتهم أيضاً التي قد تقود إلى حوار إلكتروني بين القارئ وآخرين أو من كاتب المدونة، وقد أسس (1) من كل (5) من الفتيات بين أعمار 12 إلى 17 عام مدوناتهم الخاصة بهم، وتزيد المدونات من المضايقات الإلكترونية وقد تزيد من خطر التحرش الجنسي الإلكتروني، حيث يكشف كُتّاب المدونات عن خفايا ذاتهم الشخصية على الإنترنت ومن
بينها مشاعر ضعفهم وبياناتهم الشخصية.
أسباب التحرش الإلكتروني
توجد دوافع عديدة وراء ظاهرة التحرش الإلكتروني، أبرزها ما يلي:
- 1- تراجع القيم الاجتماعية الراسخة في المجتمع.
- 2-اختزال المرأة في أنها مجرد جسد، وتجنب دورها ككائن اجتماعي يسهم مع الرجل في نهضة المجتمع.
- 3- غياب الرقابة الأسرية.
- 4- نقص الوعي والتوجيه.
- 5- انتشار ثقافة الاستعراض من خلال نشر الصور والمعلومات الشخصية بحثاً عن الاهتمام والانتباه من قبل الآخرين.
- 6- التربية بالمنع أو العقاب بدلاً من التوعية والإشباع النفسي.
- 7- سهولة إخفاء الهوية على شبكة الإنترنت تساعد في خلق متحرشين جدد.
كيف تتجنب التحرش الإلكتروني
- استخدام إعدادات تضمن لك تحقيق مستوى أعلى من الخصوصية على شبكة الإنترنت أو على الأجهزة الإلكترونية.
- عدم نشر الصور الشخصية أو أرقام الهواتف أو المعلومات الشخصية.
- عدم فتح الرسائل المشبوهة أو مجهولة الهوية.
- عدم التعامل مع أي شخص مجهول الهوية عبر الإنترنت.
- عدم فتح أي روابط عشوائية عبر البريد الالكتروني.
- حذف البيانات والصور والمعلومات التي يحتويها جوالك أو جهاز الكمبيوتر قبل بيعه.
- الحذر الشديد عند التعامل مع مواقع السوشيال ميديا.
عقوبة التحرش الإلكتروني
كل من ارتكب جريمة تحرش يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على سنتين، وبغرامة مالية لا تزيد على (100) مائة ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين.
الوسوم:التحرش, السعودية, قانون, محاماة